فإذا خلط المؤلف لهجة بلده مع لغته الأم، فإن ذلك لا يؤدي إلا إلى تنويع الكتابتين وجعل اللغة سهلة وسلسة.
أتيت بقصة اسمها “وراء كل ظلمة نور”.
بقلم : حضيرة ابراهيم
غادرت رقية المنزل وذهبت إلى كلية الصيدلة لحضور المحاضرات. كانت رقية في السنة الرابعة بكلية الصيدلة، ذات وجه مبتسم وملامح طفولية تجذب كل من رآها وتحدث إليها. كان هناك شخص يحبها سرا، ويراقبها ولا يجرؤ على التحدث معها. كان يحمل في قلبه مشاعر لها، لكنه لم يرد أن يكشفها خوفًا من أن يبارك الله هذه العلاقة، وخشية أن يتعلّق قلبه به ولا تكون له. كان يكتفي بإخفاء مشاعره في الداخل حتى يأتي اليوم. الله يجمعهم .
أنا أتحدث عن معاذ زميل رقية في كلية الصيدلة. وتميز بخفة دمه ونكاته اللطيفة والمهذبة وجديته في التعامل مع الآخرين وأدائه الممتاز في أي عمل أينما كان. ومرت السنة بعد تعب وجهد كبيرين، ومرت رقية بتقدير جيد جداً، ومعاذ بتقدير ممتاز، فكان متميزاً تماماً. عادت رقية إلى المنزل لكنها شعرت بحركة غريبة بداخلها وحدث هذا الموقف بينها وبين والدتها رقية. أمي، الحمد لله أنني نجحت بتقدير جيد جداً. وبعد عام تخرجت وسأتعافى تمامًا من الكلية. لقد استنفدتني هذه الكلية واستنزفت كل طاقتي في هذه العملية. الام. عيد ميلاد سعيد ابنتي الصغيرة وأنا عانقتها. هيا رقية، دع شخصًا آخر يدخل ويدخل معي إلى المنزل. عمك سيأتي اليوم.
رقية. حسنًا يا أمي، ما هذا الإجراء؟ مش زي كل مرة، زي حملة العيد.
أمي أوقفيني يا لمادا وسيأتي شخص آخر ويحضر لي المطبخ
وانتهى الوضع بينهما. كان المساء وجاء عم رقية. وكان سبب هذه الزيارة أن عمها طلب يدها للزواج من ابنه المهندس طارق. وكانت رقية سعيدة لسماع هذا الخبر. كانت تكن له مشاعر وترغب في أن تكون زوجته، مثلما كان صديق الطفولة، لكنها لم تره منذ سفره إلى الخارج. وبدلاً من ذلك، لم تسمع أخباره إلا من والدها. وبعد فترة تمت خطبة رقية وطارق. عندما علم معاذ بالأمر حزن لكنه تمنى ودعا لها أن يسعدها الله وأن يكون طارق زوجًا صالحًا لها وأن يسعدها يومًا ما ولا يحزنها. أحبها طارق، وأحبته أكثر، فملأ قلبها بالحب، وقال إنه لن يتخلى عنها مهما كثرت مصائب الحياة، وأنه لن يتخلى عن أميرته الجميلة، لأنه أحبها. روحها وليس مظهرها. كانت محادثاته دائمًا تدخل الفرح والسعادة إلى قلبها.
(إنها أقوال وأحاديث وليست أفعال. لا تثق في الأحاديث. كلنا نتحدث ولكن القليل من يفعل ذلك.) بدأ العام الدراسي الجديد وعادت رقية إلى المنزل. وفجأة صدمتها سيارة وأثر هذا الحادث على عمودها الفقري. وفقدت رقية القدرة على التحرك على قدميها وعلقت في الكرسي لأنه هو الذي يقودها. إن ماهية هذه الرسالة وهذا الاختبار من الله أمر صعب حقاً (يعلمها وأنتم لا تعلمونها). ولم تعرف رقية وقتها سوى الحزن والدموع وبكت على نفسها وعلى ما حدث لها. لا أستطيع أن أصف لك حجم المعاناة والألم الجسدي والنفسي الذي بداخلها.
هناك علم اسمه “علم الحياة”. وهذا هو العلم الذي جرى بين سيدنا موسى والخضر أو الغلام أو الجدار أو السفينة. لقد وجدت هذا الحوار متعة لا تضاهى، وخاصة هذه الآية.
(ولن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تكن تعلمه) وبعد ذلك سنعرف سبب ذكر هذه الآية.
اتصلت رقية بطارق هاتفيا لكنه لم يرد، فكانت تتخيله أحيانا يطرق بابها لكنه لم يأتي.
جاءت أخت طارق وتكلمت مع رقية وأخبرتها. سافر مرة أخرى وأخبرني أنه لا يستطيع الاستمرار هكذا معك. يريد زوجة وأماً لأطفاله. فهو لا يضيع حياته ومستقبله بسبب شخص عاجز لا يستطيع الحركة. ولم تتمكن رقية من الرؤية من كثرة الدموع في عينيها. كانت كالشلال الذي لا يتوقف عن الجريان، فلا تتوقف عيناها عن البكاء. كان الألم في قلبها مثل البركان، أشد وأشد بكثير من الألم في جسدها. وتذكرت حديثهما وما قاله لها. كل ما قاله كان كذبا وخداعا، وكان كله كلاما. وعندما جاء الفعل لم يفعله. ولم يفي بوعده لها (تأتي المصيبة لتكشف المخادع والجبان). ولكنها شكرت الله كثيراً لأنها عرفت حقيقته، وشكرت الله أيضاً على هذه الحادثة التي نزلت بها (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو جميل لكم). لقد كرهته أكثر مما أحببته. (المرأة إذا أحبت أحبت كثيراً، وإذا كرهت مكروهاً بشدة، وإذا احترمت احترمت بضبط النفس، وإذا احتقرت فبلا حدود، وإذا حاربت قاتلت بجرأة). .)
وتمنيات القدر.
عرف معاذ بما حدث فحزن وتمنى أن يحدث له ما حدث لها. تحدث مع والدها بأنه يريد الزواج من برقيا وأخبره أنه يحبها ويكن لها أجمل وأنبل المشاعر الصادقة.
لكن رقية رفضت هذا الطلب لأنها لم تقبل أن ذلك كان من باب الشفقة فقط، كما أنه لا ينبغي أن يكون عبئا على أحد. كان يعلم أنها سترفضها، لكنه لم ييأس. كانت حب حياته وسيفعل المستحيل من أجلها وستعود ابتسامتها. أرسل لها رسالة عبر فيها عن مدى حبه لها، وكتب فيها ما كان فيه عندما رآها لأول مرة وأنه يحبها، وكان يدعو الله دائما أن تكون من نصيبه، و خوفا لم يتحدث معها عن الله. يحب رقية لروحها وأفكارها وشخصيتها قبل أن يحب مظهرها. مظهرها بيد الخالق، الذي يستطيع أن ينزع جمالها في أي وقت، لكن الروح لا تتغير أبدًا. لم أحبك لأنك جميلة، فمثل الكثير من النساء الجميلات (اهتمي بالجوهر وليس المظهر).
واختتم حديثه قائلاً: لقد أحببت رقية من قبل والآن أعشقها. أعاد هذا الخطاب روح رقية إلى جسدها وجعلها تبتسم بعد أن تلاشت الابتسامة عن وجهها. وبعد فترة تزوجا رقية ومعاذ ولكنهما كانا سعيدين بتخرجهما من الكلية. وكان معاذ يشرح لها المحاضرات ويصطحبها إلى الجلسات وكان لا يخجل منها، بل على العكس، وكان يمنحها الثقة في نفسها دائما، وكان رقية يزداد كل يوم وكل لحظة حبها لها يكبر، وكان لها مصدر الحنان والأمل والحب والاهتمام. الآن عرفت معنى الحب الحقيقي وأن ما مضى ليس حباً.
كان يأخذها دائمًا إلى العلاج الطبيعي لتحسين حالتها، علمًا أن نسبة قليلة منها ستعود كما كانت. لم يستسلم أبدًا وكان يمنحها الأمل دائمًا (اختره قويًا يا عزيزي، وسيصبح يومًا ما جيشك الوحيد). والآن عرفت لماذا ذكرت هذه الآية من قبل (إنك لن تصبر معي وكيف تصبر على ما ليس لك به علم)
كلنا نصف ما يحدث لنا بأنه كارثة وأحياناً شر، ولكن بعد ذلك نعلم أنه خير من الله. (كف عن التكبر والغضب والازدراء بما يرضي الله)
نحن الآن عائلة سعيدة وأنا ثمرة ذلك الحب الكبير الذي لا يكل ولا ينقص بل يزداد مع تقدم العمر
نور ماذا تفعلين؟ أمي، كيف يمكن أن أشعر بعدم الارتياح عندما نزلت على الدرج؟
الأم: عن ماذا تكتبين يا حبيبتي؟
نور أنا أكتب قصة الحب بينك وبين والدي وغدا سأقدمها في المدرسة لأن هناك مسابقة للقصة القصيرة وقدمتها وسأحكي للعالم كله عن قصة حبك.