هيكل الرجل المصري
زينب سيد عثمان
يقف المصري بين الأصل والحضارة، بين التقدم والتخلف، بين متابعة وتيرة الحضارات أو الجمود بلا حراك، مثل المسافر الذي فاته قطار وينتظر قطارًا آخر. إما أن يسأل عن موعد القطار التالي، أو يستمر في انتظار قطار آخر دون أن يعرف الساعة.
هكذا هي. نحن نطالب بالتغيير دون التفكير في حلول جذرية للمشاكل التي نواجهها. لقد حاولت الثورات والانتفاضات الشعبية تغيير وجه الحياة، كما تغيرت خريطة العالم السياسية والاقتصادية، مثل ظهور النمور الآسيوية والاتحاد الأوروبي واختفاء بعض القوى المؤثرة مثل الاتحاد السوفييتي. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه من أين جاءت مصر… هذا كل شيء؟
وإذا نظرنا إلى مصر وتاريخها سنرى بوضوح الركائز والأسس التي أدت إلى تحول الإنسان المصري وسيطرت على الأفكار التي جاءت إليه. واندمجت الحضارات التي جاءت إلى مصر مع الحضارة المصرية في بوتقة. لكن الحضارة المصرية كانت هي السائدة دائما.
(مصر مقبرة الغزاة) وقد ظهر ذلك بوضوح على مر القرون، وحاول المصري أن يتأقلم مع كل عصر، ويستفيد منه قدر الإمكان، ويحافظ على هويته كمقاتل مصري أصيل.
(عوائق الطريق):
1_ الدكتاتورية الفرعونية: الدكتاتورية الفرعونية لا تقتصر على عصر أو آخر. وهو يتغلغل في الحياة المصرية منذ عصور ما قبل التاريخ ويرتبط إلى حد كبير بالطبيعة النهرية للمجتمع المصري، الأمر الذي تطلب إدارة مركزية للنهر، مما يستلزم وجود حكومة مركزية قوية للغاية يخشاها الناس.
2_السلبية السياسية للشعب المصري: لقد انتشر الخوف في قلوب المصريين واعتادوا الصمت لفترة طويلة خوفا من بطش الحكام. لقد ابتعدوا منذ القدم عن السياسة واتجهوا إلى شيئين هما الزراعة والدين. وحتى هذين الأمرين كانا تحت حصار الدولة بحيث سيطرت على الزراعة بسبب سيطرتها على النيل، وفي العبادة سيطرت على الشعب عن طريق الكهنة. اعتاد فرعون أن يقيم نفسه كإله وكان على الناس السمع والطاعة. ولم يتغير هذا كثيراً في الآونة الأخيرة حيث لا يزال المصري مشغولاً بكسب العيش وممارسة الشعائر الدينية بالإضافة إلى خيارات الترفيه مثل (التلفزيون والإنترنت وغيرها).
3_ الخداع والتمويه والشائعات: انتشرت في الآونة الأخيرة الكثير من الشائعات، والهدف منها إيهام الناس بأن الأمور يمكن أن تكون جيدة أو ممتازة!
والغرض من هذه الشائعات هو زعزعة استقرار البلاد لتحقيق أهداف دنيئة، ويدعمها الإعلام بكافة أشكاله. ينشرون السم على شكل مسكنات هدفها تخدير الناس (نحن أصحاب حضارة عمرها سبعة آلاف سنة!)
4_ تغلغل الفساد والمحسوبية: مما أدى إلى وجود أشخاص عديمي المهارات في مناصب عليا في الدولة، مما كان له أثر سلبي على البلاد.
5_البيروقراطية والرشوة: هناك الكثير من الأعمال والإجراءات المكتبية والموظفون يرفضون العمل لأسباب ضميرية، ولكن عندما يحصلون على أموال بطريقة غير قانونية، يقومون بتسريع الإجراءات!
مصر بحاجة ماسة إلى إصلاحات في كافة المجالات، منها: 1_ إصلاح نظام التعليم في مصر: ويشمل ذلك تطوير المناهج ومراعاة المعلمين وتطوير المباني.
2_ المؤسسات الدينية بين الأزهر والكنيسة: في ظل التحديات التي تواجه مصر، كان لا بد من تجديد الخطاب الديني.
3_إصلاح الإعلام بكافة أشكاله: لتحقيق الرسالة النبيلة بدلاً من نشر الفساد والكذب والرذيلة.
4_إصلاح المؤسسات الثقافية: التركيز على إطلاق الطاقات وتشجيع الإبداع لدى الشباب.
5_ الإصلاح الفني (السينما، المسرح، التلفزيون): يعمل على تحسين الذوق العام وله دور مهم في تهذيب أخلاق الشباب من خلال نشر ثقافة الحب والتسامح واحترام الآخرين.
وقد ظهر الاهتمام ببناء الإنسان خلال الجلسة الأولى للمؤتمر الوطني السادس للشباب بجامعة القاهرة، الذي انعقد يومي 28 و29 يوليو، حيث صرح الرئيس أنه خلال الجلسة الافتتاحية التي حملت عنوان “إستراتيجية بناء الإنسان المصري” ما يلي:
1_ بناء الإنسان هو تحدي للإنسانية جمعاء، وهو تحدي يواجهه الله تعالى والأنبياء.
2_نحتاج إلى خطوة قوية وفعالة لتشكيل الشخصية المصرية لتتطور بما يلبي متطلبات العصر الحديث.
3_إذا أردنا إصلاحاً حقيقياً في التعليم والاقتصاد، فيجب أن نكون قادرين على دفع ثمنه.
4_ تجديد الخطاب الديني ضرورة. السلام هو المبدأ والحرب هي الاستثناء.
5_إن عملية بناء الإنسانية هي عملية اجتماعية وليست دولة تستحق دعم ومساندة الرأي العام.
دكتور. كما ذكر طارق شوقي في مؤتمر الشباب الاستراتيجية الجديدة لتطوير التعليم قبل الجامعي والتي تغطي الاثنتي عشرة سنة القادمة وتتميز بالاعتماد على ثلاثة محاور متكاملة (التنمية المعرفية للمعلم وتحوله من مجرد محفز إلى ناقل المعرفة وتنمية مهارات الطلاب وتقليل كثافة التدريس).
وكان الاهتمام بالصحة كجزء ثان مكملاً للتعليم، وشمل إنشاء المستشفيات ونظام التأمين الصحي وحملات القضاء على التهاب الكبد الوبائي.
هذه الحملات تجتاح المحافظات والمراكز والقرى والعزب بهدف جعل مصر خالية من التهاب الكبد الوبائي سي عام 2020
أما الجانب الثالث الذي تناوله المؤتمر فهو تنفيذ مشروع البنية التحتية الوطنية للمعلومات للدولة المصرية بهدف توجيه الخدمات وتقديم الدعم لمستحقيه.
كل هذه المؤشرات والإشارات تؤكد أن القادم أفضل، وأول المطر قطرة، ومصر بدأت تخطو أولى خطواتها نحو البناء الحقيقي للإنسانية. لكي تنجح ثلاثية البناء البشري (علميا و(صحيا واجتماعيا) لا بد من وحدة وتعاون بين المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني وأفراد المجتمع لإنجاح التجربة، وهذا يعني نجاحنا جميعا ( وإن شاء الله) مع الجماعة).