تم الكشف عن القصة الرومانسية
بقلم : رشيد سبايو
“باه!”
“الحب ماء الحياة” – جلال الدين الرومي –
وكان مشغولاً بالتجادل مع مجموعة من أصدقائه عندما سمع هذا الصوت الملائكي يناديه. مندهشًا، دار قلبه أمام جسده. كان قلبه على روحها وليس على كيانها. استدار وهو لا يزال يسمع صدى صوتها تناديه وكأنه يستمع إلى سمفونية عذبة.
“زكريا! “
ابتسم لابتسامتها وسار نحوها بخطوات مترنحة مثل السكير! – لقد كان بالفعل في حالة سكر على نبيذ حبهم. اقترب منها أكثر فأكثر، وكلما اقترب منها، كلما انبهر وغرق في بحر عينيها، بشعرها الأسود، مثل سواد الليل وطالما عاش حبيبها، ذو اللون البني عيون ونظرات ضائعة وخطوات بطيئة. تفوح منها رائحة الورود الباريسية التي تتخلل رائحتها كل من يمر بها. تتحرك كثيرًا بيديها الصغيرتين الناعمتين. أحيانًا تضعها في جيوب بنطالها الأسود، وفي أحيان أخرى تمشط خصلات شعرها بعيدًا عن خدها الأبيض الجوهري.
مددت يدها نحو يده الكبيرة الخشنة حتى يتمكن من الإمساك بها بين أطراف أصابعه الضخمة. ابتسم الاثنان مثل الأولاد الصغار. نظر إليها للحظة لا يريد أن تنتهي. لقد تجنبت نظراته وهي تحدق ذهابًا وإيابًا. ثم، وبحركة غير معتادة، انزلقت يدها من يده ولم تفارق الابتسامة وجهها، منهية بذلك الهدوء القاتل. بصوتها العذب مثل الموسيقى الحالمة:
– أين غبت كل هذه المدة يا فتى؟!
ضحك بشكل عفوي. كان يعلم أنها لا تعرف الأولاد الآخرين في المدرسة الثانوية، أو بالأحرى أنها تعرف وتتواصل مع بعضهم، لكنها فضلته على الآخرين. كانت تتحدث معه دائمًا بشكل مطول، حتى لو كانت محادثاتهما في أشياء تافهة، حتى كان يجد الأمر كله ممتعًا فلا يهتم.
شاهد: تحميل وقراءة رواية فتاتي الصغيرة تؤلمني كاملة 12 فصلاً
المواضيع، وبقدر ما أراد أن يغوص في عينيها ويستمتع بكلامها وصوتها، أجاب أخيراً وهو يصرف نظره عن عينيها:
-تعلمين أنني أكره المدرسة الثانوية، لكن هذا لا يمنعني من رؤية وجهك المبتسم!
اتسعت الابتسامة شفتيها وركز مقل عينيه على عينيها مرة أخرى وهم يبتسمون.
بدأت تتكلم من جديد كعادتها عن هذا الموضوع وذاك، وظل ينظر عنها فرآها ملاكاً له جناحان كظل الجنة وعينان كماء زمزم الصافي.
تسارعت نبضات قلبه وهو يتذكر أنه لم يخبرها بما كان يخفيه منذ فترة طويلة في أعماق قلبه، وهو الملف المفقود منذ زمن طويل في قبو قلبه. لقد نسي أن يبوح لها بمشاعره، نسي أن يخبرها بأربعة أحرف عن كل الأسرار التي خبأها هناك!
كان منهمكًا في الحديث واستدار. ضحك بسخرية ثم أمسك بكلتا يديها وضمهما بين يديه وضغط عليهما حتى استجاب قلبها للنداء. لقد هدأت. لقد تفاجأت. ثم ضحكت مرة أخرى وهي تقول:
– أوه، حركاتك الغريبة بدأت من جديد. هاها، لقد أصبحت أكثر غرابة هذه الأيام يا فتى!
وضع يدها اليمنى على صدره ونظر في عينيها بتعبير لم يكن كنظراتها السابقة، تعبيراً عن الفرح… ثم قال أخيراً:
-هل تسمع؟!
ومازالت مستغربة من حركته الغريبة ثم أضاف بصوت هامس :
– هل تستطيع سماع نبضات قلبي؟ يتسارع بحضوركم! إنه ينبض فقط عندما يراك، هل تعلم؟! أنا لا أعيش بدونك. بوجودك أنت من يجعلني أبتسم وأضحك، أنت من يجعلني أستيقظ كل يوم وحبك في قلبي لا يتركه! أنت تعيش هنا – وأشار بيديها إلى صدره – لقد أصبحت دوائي. أنت إكسيري، لم أعد أستطيع التحدث معك ولا أعرف شيئًا سوى أنني أحبك!
ابتسمت وتدحرجت دمعة على خدها وكأنها قطرة من نهر الكوثر. انزلقت يداها من بين أصابعه كالعادة وتراجعت خطوة إلى الوراء ثم فتحت ذراعيها. ولم يستغرق الأمر لحظة واحدة حتى فقد نفسه في حضنها وغرق بين ذراعيها وكأنه طفل صغير كانت أمه تخفيه من الوحش الذي تحدثت عنه الجدة! ثم همست في أذنه بصوتها الموسيقي المعتاد:
-أحببتك وما زلت أحبك أيها الأحمق!